Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات وتقارير

انه ليس زمن “الشرفاء”

مرتجى ماجد

مرتجى ماجد
اعتمدت كل الحضارات على مر التأريخ على كفاءاتها اعني “الشرفاء” في انشاءها وتكوين بنيتها الثقافية والعلمية لتمتد الى فترة اطول وتصل الى اجيال ابعد.

فالكفاءة اذا لم تلازمها مرتبة “الشرفية” فأنها ستنقلب الى عامل سلبي يؤدي بالنتيجة لهدم تلك البنية ، ولعل احداث التأريخ مليئة بهذه الحقائق ، فالحروب والازمات لم تحدث في حضارات البشر الا وكان السبب الرئيسي في ذلك تغييب الشرفاء عن الميادين ، وقبال الشرفاء توجد طبقة اخرى يطلق عليهم مصطلح آخر وهو “المترفون” وهم “عديمي الشرف” ، واولئك المترفون هم المسيطرون على مقدرات الشعوب ويتحكموا بمواردهم كيفما شاءوا دون اي رادع او محاسب.

وما ان يمسكوا زمام ومقدرات البشرية حتى يعيثوا بها فسادا ويستخدموا كافة الطرق والاساليب التي تؤدي لإذلال ابناء جلدتهم ويمارسون معهم ابشع مظاهر الاقصاء والتهميش ولا يسمحون لأولئك الشرفاء ان يمسكوا زمام ومقدرات المواطنين خشية ان تذهب مكانتهم ووجودهم وهذا بحد ذاته هو انتهاك صريح وواضح لقيمومية الانسان على ما يعتقده عندما يتسلط عليه “عديمي الشرف”.

وأبعاد “الشرفاء” عن موقع المسؤولية والقيادة ، لاسيما اذا كان لذلك الجمهور دور فيه فأنهم سيبتلون بـ”مترفين” أسوء من سابقيهم ، كما حدث عندما مكن المسلمون معاوية وأمروه عليهم فما كان عاقبتهم الا ان يُسلط عليهم “يزيد بن معاوية” ، وقد أشار الحسين “عليه السلام” الى ذلك عندما طلب منه حاكم المدينة ان يبايع يزيد ، فاسترجع الحسين وقال: (على الإِسلام السَّلام، إذا بُلِيَت الأمة بِراعٍ مثل يزيد، ولقد سَمِعتُ جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان، فإذا رأيتُم معاوية على منبري فابقروا بَطنَه)، وقد رآهُ أهل المدينة على المنبر فلم يبقروا، فابتلاهم الله بيزيد الفاسق.

وهذا هو حالنا اليوم فأن في كل مفاصل الحياة اليومية من رأس الهرم الى اسفله ، قد أستشرى هذا الطابع على كل مفاصل الدولة وبكافة المؤسسات الحكومية او غير الحكومية والحزبية كذلك ، إذ لم يأخذ “الشرفاء” دورهم الحقيقي في قيادة الامة مما ادى الى تسلط غير الشرفاء على تلك المقدرات واستباحوها لانفسهم وشرعوا شريعتها كما يتأقلم ويتناسب مع رغباتهم الدنيئة فكانت النتيجة حتمية الوقوع في انتشار كل مظاهر التخلف والفقر والانحدار الاجتماعي والانحلال الأخلاقي.
وتذهب “احلام مستغانمي” في توصيفها للـ “شرفاء” حيث تقول : “ان شرفاء الزمن الجميل، ذهبت بهم الحرب”.
وكقاعدة يمكن ان تكون مقياس اذا ما سيطر “غير الشرفاء” على مقدرات المواطنين الذين أمتلأت خزائنهم على حساب قوت الفقراء وباتوا منعمين بالحرير والرياش واشبعوا شهواتهم وملذاتهم على حساب دموع الارامل والايتام فأن ذلك سيكون بداية الانهيار لدولتهم وحضارتهم التي انشأوها على رمال متحركة.
ويقول احد الكتاب ان “الانهيارات الجبلية الكبرى تبدأ بانهيارات صغرى، وكذلك الأمر في الحضارات والمجتمعات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى