بينما يسعى العراق للجم عدوى فيروس كورونا خوفا من تفشيه بشكل كارثي، يعاني بعض المتعافين من عار قد يلحق بهم في بعض المجتمعات العراقية.
فقد روت الطبيبة مروة خفاجي التي عادت إلى منزلها بعد 20 يومًا في قسم العزل بالمستشفى، كيف لاقتها نظرات الجيران الغاضبة، لا بل قام أحدهم بوضع حجر خرساني أمام بوابة منزل عائلتها خوفا من العدوى.
وكانت رسالة الجيران واضحة: “لقد نجت من فيروس كورونا، لكن وصمة العار بسبب المرض ستكون معركة أكثر ضراوة”.
فالإصابة بالفيروس المستجد تثير على ما يبدو “رعب” العراقيين، حيث يصل الخوف إلى مجرد التعامل حتى مع مصاب سابق أو ربما دفن جثته خوفا من انتقال المرض.
وتعكس قصة الطبيبة الشابة التي ذهبت إلى الخطوط الأمامية لمقارعة الوباء في أوائلآذار، مدى الهلع السائد في بعض المجتمعات بالبلاد.
كما يعكس صراعها سوء النظام الصحي الذي كشفه الوباء، من نقص الإمدادات الصحية في المستشفيات إلى خوف الطواقم الطبية حتى من مرض غير معروف، وصولا إلى وصمة العار التي ترتبط بالعدوى، وتلاحق المريض.
وتعليقاً على مسألة الوصم، أوضح بعض الأطباء لوكالة أسوشييتد برس أن الخوف من وصمة العار – التي تغذيها المعتقدات الدينية والعادات وانعدام الثقة العميقة في النظام الصحي- كانت المحرك الرئيسي للوباء في العراق، حيث يخفي الناس مرضهم ويتجنبون طلب المساعدة.
رحلة مروة
وبدأت رحلة مروة ( 39 عاما) مع الفيروس في منتصف مارس / آذار، حين شعرت بالذعر عندما بدا على والدتها المسنة، ذكرى سعود، علامات ضيق في التنفس.
وكان الوباء قد بدأ لتوه في اجتياح العراق ولم يترك بعد بصماته على مدينة كربلاء حيث تعيش. لكن الطبيبة بدأت تربط الأمور ببعضها.
فقبل أيام، أظهر والدها أعراضًا شبيهة بأعراض الإنفلونزا التي عالجتها في المنزل، ثم بدا على والدتها الشيء نفسه ولكن بشكل حاد.
عندها أضحت على يقين أنه فيروس كورونا، لكن في ثلاثة مستشفيات مختلفة، رفض الأطباء اختبار والدتها.
في ذلك الوقت، تم توزيع مجموعات الاختبار المحدودة على أولئك الذين ذهبوا إلى إيران.
الخوف من نظرات الجيران
وفي كل زيارة للمستشفى، كانت والدة مروة تخشى أن يعرف الجيران أين ذهبت. وكانت تقول لها “أرجوك.. خذيني إلى المنزل”.
إلى ذلك، ساءت أعراضها، حتى توسلت مروة والدموع تنساب من عينيها لطبيب صديق لها في الثالثة صباحًا أن يختبر والدتها، ووافق الطبيب على طلبها.
في 19 مارس / آذار، جاء رجال الشرطة إلى المنزل لنقل الأم وابنتها إلى المستشفى بعد أن أثبتت الفحوصات إصابتهما بكورونا.
وقالت مروة “داخل الحجر الصحي، بدا المستقبل غامضا.. في الخارج لا يختلف الأمر”.
في اليوم الأول، نظرت والدة مروة باشمئزاز إلى الجناح القذر، قائلة: “لقد أحضرتني إلى السجن”.
أرضيات متصدعة وأسطح “متعفنة”
فقد كانت منطقة الحجر الصحي في مستشفى الإمام الحسين التعليمي عبارة عن جناح مشترك، حيث يتم الفصل بين المرضى عن طريق حواجز معدنية.
كما كانت الأرضيات متصدعة والحمام المشترك يعلوه العفن، والأسطح يكسوها التراب على الرغم من التنظيف اليومي.
عندها طلبت مروة من العاملين مواد التنظيف ونظفت الغرفة والحمامات بنفسها، بينما بقيت الأغطية والبطانيات دون غسيل لأيام، قامت برميها احتجاجًا.
موجة تفشٍّ كبيرة
يذكر أن ما لا يقل عن 115 شخصا توفوا في العراق بين أكثر من 3030 حالة اصابة بفيروس كورونا، وفقا لإحصاءات وزارة الصحة، حيث قفز المعدل اليومي للحالات بعد اختصار ساعات حظر التجوال في شهر رمضان من 29 حالة في 22 أبريل / نيسان إلى 119 حالة الأربعاء.
هذا ويخشى المسؤولون من أن تكون موجة التفشي كارثية.
بدوره، ألقى سيف البدر، المتحدث باسم الوزارة، باللوم على الأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض أو أتوا من بلد مصاب و”لم يكشفوا عن هذه الحقائق بسبب الغطرسة”.
في حين دعا محافظ بغداد، محمد جابر العطا، الخميس، إلى فرض حظر شامل للتجول، وحذر من “فقدان السيطرة إذا ما استمرت الإصابات بالتزايد لاسيما أن مستشفى ابن الخطيب امتلأ بالكامل بالمصابين، كذلك مستشفى ابن القف الذي ربما سيمتلئ بالمصابين خلال اليومين المقبلين، وهو ما يعني تخصيص عدد من المستشفيات فقط للمصابين بكورونا”.