ارقام مرعبة … الانتحار ومعالجات الحكومة الخجولة
لم تكن حالات الانتحار يوماً حكرا على مجتمع دون آخر وفي العراق سجلت معظم مدنه حالات انتحار ولاعمار مختلفة ولكلا الجنسين فلم تقتصر عل فئة دون اخرى ، ووسط هذا التزايد لم يكن للحكومات العراقية برنامجاً معينا في تحجيم هذه الافعال وتبقى في كل مرة تقف موقف المتفرج من حوادث الانتحار.
فيما اعلنت الحكومة ،اليوم الخميس، عن تبنيها الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار في العراق للحد من ظاهرة الانتحار ، إذ أكد وزير الصحة صالح مهدي الحسناوي ان” معدلات الانتحار في العراق لاتزال اقل من المعدلات العالمية بكثير، وذلك بعد إطلاق الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار في العراق”.
وعقد ،اليوم الخميس، وبرعاية رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وأشراف وحضور وزير الصحة صالح مهدي الحسناوي، أطلقت وزارة الصحة الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار في العراق بحضور رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية ماجد شنكالي ومستشار رئيس الوزراء للشؤون الصحية صالح ضمد وعدد من الشخصيات الدبلوماسية والمسؤولين، اليوم الخميس الموافق 29 شباط 2024″.
وبين وزير الصحة في كلمة له على هامش الاحتفالية ان “وزارة الصحة وبمبادرة من رئيس الوزراء أطلقت الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار للأعوام من 2023 الى عام 2030″، مشير الى ان “الهدف من إطلاق الإستراتيجية توفير سبل الوقاية من الانتحار ويعد العراق ثاني بلد في الوطن العربي يطلق هذه المبادرة”.
فيما اكد الحسناوي ان “معدلات الانتحار في العراق لاتزال اقل من المعدلات العالمية بكثير”، داعيا الى “تعاون جميع الجهات ومنظمات المجتمع المدني والجهات الدينية والمجتمعية والاعلام لتطبيق هذه الاستراتيجية”.
فيماا اعلنت منظمة لانا المختصة بالاسرة والطفل انه وخلال السنوات الأخيرة، أخذت حالات الانتحار في العراق منحى تصاعديا، حيث أكدت وزارة الداخلية في إحصاء أنها بلغت 376 حالة في أنحاء البلاد عدا إقليم كردستان عام 2015، و343 حالة في العام التالي، ثم صعدت إلى 449 حالة في عام 2017، وإلى 519 حالة في العام التالي، حتى وصلت تدريجيا إلى 1073 حالة العام الماضي.
من جهته أرجع خالد المحنا، المتحدث باسم وزارة الداخلية الى ان “زيادة معدلات الانتحار إلى الكثافة السكانية والوضع الاقتصادي والبطالة، فضلا عن العنف الأسري والابتزاز الإلكتروني”.
وبهذا الشأن ترى مسؤولة منظمة “لانا” كواكب الحلو ان “معظم حالات الانتحار ترجع إلى إدمان المخدرات والتفكك الأسري، بالإضافة إلى البطالة والفقر؛ وقال في حوار مع وكالة أنباء العالم العربي إن هذه الأمور “هي أساس المشكلات الاجتماعية والنفسية التي تعاني منها المحافظة، وتسعى الشرطة المجتمعية إلى حلها”.
ويرى محمد الشرع اخصائي طب نفسي، أن “العامل النفسي أحد عوامل الإقدام على الانتحار، إن لم يكن السبب الرئيسي لهذه المشكلة، وكذلك إهمال معالجة حالات الاكتئاب التي يتجاهل الكثير من الناس تشخيصها بشكل مبكر أو المضي في علاجها في حال تم تشخيصها لدى المصابين بها”.
إلى ذلك أشارت منظمة الصحة العالمية، التي أحيت في العاشر من سبتمبر أيلول الجاري اليوم العالمي للحد من الانتحار، إلى أن واحدا من بين كل أربعة عراقيين يعاني هشاشة نفسية، في بلد يوجد فيه ثلاثة أطباء نفسيين لكل مليون شخص، مقارنة مع 209 أطباء لكل مليون شخص في بلد كفرنسا مثلا.
وبحسب المنظمة، فإن إنفاق العراق على الصحة النفسية لا يتجاوز اثنين في المئة من ميزانيته للصحة، على الرغم من حقيقة أنه في مقابل كل دولار أميركي يستثمر في تعزيز علاج الاضطرابات الشائعة مثل الاكتئاب والقلق، يتحقق عائد قدره خمسة دولارات في مجال تحسين الصحة والإنتاجية.
ومر العراق بظروف اقتصادية واجتماعية صعبة بعد أربعة عقود شهدت حروبا خارجية وتجاذبات في الداخل وعقوبات دولية أعقبت غزو الكويت عام 1990، قبل أن تغزو الولايات المتحدة البلاد عام 2003 ويُفتح الباب أمام سنوات طويلة من الصراعات الداخلية.
من جهته اعرب الدكتور سمير حميد المختص بعلم الاجتماع الى ان معظم حالات الانتحار تندرج ضمن اطر المشاكل الاجتماعية مابين الضحية والبيئة المحيطة به ، فضغط الحياة وتصورهم بتقطع السبل بهم يدفعهم للتفكير بالتخلص من هذه الحياة ، مبينا ان عقلهم يتوقف عن التفكير بحلول لمشاكلهم سوى التخلص من حياتهم والاقدام عل الانتحار.
واشار الاخصائي الى ان الحكومة العراقية لم تتبنى ستراتيجية واضحة ومعينة للحد من هذه الظاهرة فكل معالجاتهم هي يتيمة وضعيفة وخجولة ولاترتقي الى المستوى المطلوب كما تفعل بقية بلدان العالم ، مبينا ان العراق يعتبر من الشعوب التي تنتمي لمبدأ العائلة والعرف العشائري والانتماء الديني ولولا هذه العوامل لازدادت حالات الانتحار الى ضعفي ماموجود حاليا من الحالات.
وتابع ان مازاد على حالات الانتحار خلال الفترة الاخيرة المنصرمة هي زيادة عدد حالات القتل والاجرام بين العوائل فالزوجة تقتل زوجها والابن يقتل ذويه وغيرها مما يستدعي الحكومة من وضع حلول لها وابرزها تنفيذ الاحكام بالجناة لاسيما الذين يحكمون بالاعدام ، فأصبح من الضروري تنفيذ الاعدام بهم ونشر عملية التنفيذ على الاعلام كي يكون هناك رادعاً للجناة والقتلة.