Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات وتقارير

حصانته لم تشفع له.. حبس النائب السلامي تحجيم للدور الرقابي وتضييق للحريات

اثارت قضية حبس النائب هادي السلامي بحسب قرار قضائي صادر من محكمة استئناف بغداد، جدلا واسعا في الشارع السياسي العراقي، لاسباب عدة منها ان السلامي ما زال يتمتع بالحصانة لذا فأن حبسه امر مخالف للقانون، كما ان القرار صدر بعد ان حرك النائب ملفات وشبهات فساد ترتبط بوزارة التجارة.
خلفيات الحكم
وجاء الحكم، على إثر شكوى قدمها السلامي إلى الادعاء العام العراقي، في 10 سبتمبر/ أيلول عام 2022، في قضية فساد وهدر للمال العام تتعلق بعقد مشروع السلة الغذائية الذي تديره وزارة التجارة.

وفي الفترة الماضية طالب السلامي رئيس الوزراء بسحب يد وزير التجارة أثير داود سلمان بسبب مخالفات ارتكبها عندما كان مديراً للشركة العامة لتصنيع الحبوب، وقام السلامي بإرفاق تقرير لديوان الرقابة المالية التي تؤكد صحة ادعائه، لكن وزارة التجارة، وبعد 4 أيام، أي في 14 أيلول 2023، خاطبت ديوان الرقابة المالية، للتأكد من حقيقة صدور تقرير من الديوان بحق وزير التجارة، حيث نفى ديوان الرقابة المالية صدور كتاب بهذا العدد والتاريخ منهم بحق وزير التجارة الحالي عندما كان مدير شركة تصنيع الحبوب، مؤكدا أن الكتاب الذي أرفقه هادي السلامي وأرسله لرئيس الوزراء “مزور”.

وردا على ذلك تقدمت وزارة التجارة بدعوى ضد النائب السلامي، اتهمته فيها بتقديم أوراق مزورة وغير صحيحة بشأن ملف السلة الغذائية، ومعلومات ملفقة وكاذبة إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وكشفت وثائق جديدة حول قضية الحكم على النائب هادي السلامي وحصلت عليها “وطن نيوز” استخدام وثائق مزورة لتشويه صورة وزير التجارة أمام رئيس الوزراء.
وفقا لذلك، فإن الحكم بحق السلامي لا علاقة له بالتشهير كما انتشر في وسائل الإعلام العراقية، بل تتعلق بـ”التزوير والقذف ونشر أخبار كاذبة واصطناع محررات مزورة ومنسوبة لجهة سيادية مستغلا عضويته في مجلس النواب”.
قضية تزوير وتشهير
في الأثناء، أعلنت وزارة التجارة، صدور حكم على النائب السلامي بالسجن 6 أشهر بتهمة التشهير والإساءة لها.
وقالت الوزارة في بيان تلقته “وطن نيوز”: إن “محكمة جنح الكرخ المختصة بقضايا النزاهة أصدرت قرارها المتضمن الحكم على النائب هادي السلامي بالحبس وغرامة مالية وفق أحكام المادة 331 من قانون العقوبات العراقي، وذلك عن اصطناعه واستخدامه محرر مزور نسب إلى ديوان الرقابة المالية الاتحادي والذي تبين فيما بعد انه مزور بهدف التشهير والإساءة إلى سمعة الوزارة”.

وأكدت الوزارة أنها “لن تكتفي بقرار المحكمة بحبس السلامي والغرامة المالية المفروضة عليه، إذ أنها تحتفظ بحقها في المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقها من جراء اصطناع واستخدام تلك المحررات”.

لا تعارض مع الحصانة
الخبير القانوني العراقي علي التميمي أكد أن قرار المحكمة وحكمها بالحبس على النائب السلامي لا يتعارض مع سلطة مجلس النواب والحصانة التي يمتلكها البرلماني.
وقال التميمي إن “القرار الصادر بحق النائب يتضمن الحبس 6 أشهر إضافة إلى الغرامة المالية، وفي حال رفض دفع الغرامة فإنه سيواجه حكما جديدا بالحبس لمدة 6 أشهر إضافية”.

وأضاف التميمي: أن “النائب السلامي يحق له الطعن بالقرار الذي صدر بحقه بالحبس لمدة 6 أشهر خلال مدة 30 يوماً، ولكن إذا اكتسب القرار الدرجة القطعية فحينها يتم إسقاط العضوية البرلمانية عنه، ويتم استبداله بالمرشح التالي له من حيث الأصوات ضمن دائرته الانتخابية”.

وعن حصانة النائب وحكم المحكمة، قال التميمي: أن “القرار اعتمد على قرار سابق من المحكمة الاتحادية يقضي بإخطار القضاء لمجلس النواب برفع الحصانة عن النائب في القضايا الجنائية فقط وليست قضايا الجنح”.
وأضاف: أن “القضايا الجنائية فقط تحتاج إلى موافقة أو تصويت البرلمان، بينما في قضايا الجنح تتم معاملة النائب كأي مواطن عادي، وتتخذ بحقه أي إجراءات قانونية”.

وتابع التميمي: أن “وزارة التجارة باعتبارها الجهة المتضررة والمشتكية يحق لها المطالبة بالتعويض بمبلغ مالي عن الضرر المعنوي الذي أصابها جراء التهم التي وجهها النائب هادي السلامي لها”.
على ماذا استند قرار حبس السلامي؟
ويتفق مع ذلك الخبير القانوني أمير الدعمي، الذي يرى أن صدور أحكام الجنح على عضو البرلمان لا يتطلب إسقاط الحصانة عنه.
وقال الدعمي إن “محكمة الجنح التي أصدرت قرار الحبس بحق النائب هادي السلامي استندت على أدلة وموجبات بناء على الدعوة المقامة ضد النائب، كما استندت على قرار المحكمة الاتحادية رقم 90 لعام 2019 الذي أسقط الحصانة النيابية في حالة الجنحة والمخالفة وإبقائها في حالة الجناية التي يتطلب فيها إخطار البرلمان”، مؤكدا أنه “بموجب قرار المحكمة الاتحادية فأنه لا حصانة للنائب إلا في الملفات الجنائية والتي تستوجب إخطار مجلس النواب قبل صدور الحكم وتنفيذه”.
تمييز الحكم
وفي أول رد فعل رسمي من مجلس النواب، أعلن رئيس المجلس بالإنابة محسن المندلاوي تمييز حكم السجن الصادر بحق هادي السلامي.
وقال المندلاوي في بيان إن “القرار الصادر بحق السلامي هو حكم ابتدائي صادر من محكمة جنح الكرخ المختصة بقضايا النزاهة، قابل للطعن تمييزا، ووجهنا الدائرة القانونية بالتعاون مع النائب لغرض تمييز هذا الحكم”.

وبين أن “محكمة جنح النزاهة لم تطلب من مجلس النواب رفع الحصانة الدستورية عن النائب مستندة بذلك على قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (90/اتحادية/2019) لسنة 2021 الذي أجاز للمحاكم اتخاذ الإجراءات القضائية بحق النائب دون حاجة لرفع الحصانة عنه إذا تعلق الأمر بجنحة أو مخالفة”.
وأكد المندلاوي، أن “رئاسة مجلس النواب حريصة أشد الحرص على دعم ومساندة النواب في ممارسة دورهم الرقابي والتشريعي وفقا للدستور والنظام الداخلي للمجلس”.
رفض برلماني
بدوره وصف عضو مجلس النواب كاظم الطوكي حكم المحكمة بحق النائب السلامي بأنه استهداف لدور البرلمان في الرقابة على المؤسسات الحكومية التنفيذية.
وقال الطوكي في بيان إن “إصدار الأحكام على أعضاء مجلس النواب قبل رفع الحصانة لا يتم إلا في حالة المسك بالجرم المشهود”، مشيرا إلى أن “إحدى صلاحيات النائب هو ممارسة الدور الرقابي بمطلق الحرية في المؤسسات والوزارات”.
وأضاف: أن “استخدام الإعلام من قبل أعضاء مجلس النواب لتسليط الضوء على ملفات الفساد بعد سلك الطرق القانونية لا يعتبر تشهيرا”، لافتا إلى أن “حيثيات الملف لم تتضح بصورة كاملة لدى مجلس النواب لغاية الآن”.
أما النائب حبيب الحلاوي فطالب رئاسة البرلمان بعقد جلسة طارئة لمناقشة أسباب القبض على النائب هادي السلامي، واصفا قرار المحكمة بأنه تجاوز على السلطة التشريعية.

وقال الحلاوي، في بيان أنه “يطالب رئاسة البرلمان بعقد جلسة طارئة لمناقشة أسباب اعتقال النائب هادي السلامي والتجاوز على السلطة التشريعية قبل تقديم طلب إلى البرلمان برفع الحصانة”.
تحجيم دور البرلمان الرقابي
وتساءل ناشطون عراقيون في العديد من منصات التواصل عن حصانة البرلمان ودوره الرقابة، وإمكانية تعرض أعضائه للحبس والسجن بسبب كشفهم لملفات الفساد، عادين ذلك بأنها خطوات تهدف إلى تحجيم دور الرقابة على ملفات الفساد في وزارات الدولة.
وأشار ناشطون إلى أن قرار الحبس الأخير يشكل تحولاً مفاجئاً للشارع العراقي، ويُعتبر ناقوس خطر بتحجيم دور البرلمان.
يذكر أن المحكمة الاتحادية ألغت عضوية رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 بتهم استندت إلى دعوى “تزوير” تقدم بها أحد النواب لكن المحكمة اكتفت في حينها بعزل الحلبوسي من منصبه دون إصدار القضاء حكما بالسجن، فضلا عن عدم إصدار أحكام قضائية على المدان بسرقة القرن التي تمت في الفترة السابقة نور زهير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى