مقالات وتقارير

تحالفات تتسابق بالمال: 600 مليون دولار لحملة في بغداد المرشح بمليار دينار

فيما تتأهب الساحة السياسية العراقية لاستحقاق انتخابي جديد، تتكاثف التحذيرات من تحوّل صناديق الاقتراع إلى ساحة صراع مالي، تتغذى على النفوذ السياسي والمال غير المشروع. ومع تصاعد الاتهامات المتبادلة بشراء البطاقات الانتخابية وتمويل الحملات بمبالغ “فلكية”، يبدو أن نزاهة الانتخابات المقبلة تواجه اختبارًا حقيقيًا، يهدد الثقة الشعبية ويضع مستقبل العملية الديمقراطية على المحك.

وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس إنقاذ الأنبار، حميد الهايس، خلال مقابلة تلفزيونية تابعتها “وطن نيوز”، إن “تحالف تقدّم بزعامة محمد الحلبوسي قرر صرف 600 مليون دولار على حملته الانتخابية في بغداد وحدها، في رقم فلكي يكشف حجم الإنفاق الانتخابي غير المسبوق”.

من جانبه، أشار رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي إلى أن “سعر المرشح في بعض الكتل وصل إلى مليار دينار عراقي”، ملمحا إلى تورط جهات حكومية باستخدام موارد الدولة في شراء المرشحين ومنح عقود مشاريع حكومية لكسب ولائهم السياسي.

ودعا المالكي، خلال إطلاق حملة ائتلافه الانتخابية، “جميع القوى السياسية إلى المنافسة الشريفة واحترام الآخر، ورفض التسقيط السياسي واستغلال المال العام والجيوش الإلكترونية للتأثير على الرأي العام”.

أما رئيس تحالف “صقورنا” يزن مشعان الجبوري (المستبعد من العملية الانتخابية)، فكشف في لقاء تلفزيوني سابق أن تكاليف الحصول على المقعد النيابي ارتفعت في الانتخابات الأخيرة إلى 5 مليارات دينار للمقعد الواحد”.

وأضاف: “إذا كنت تسعى للحصول على 10 مقاعد فأنت بحاجة إلى 50 مليار دينار، أما من يريد 20 مقعدًا فسيحتاج إلى نحو 100 مليار”.

وأوضح الجبوري أن هذه الكلفة تتعلق بـ”شراء المقعد نفسه وليس فقط دعم المرشح أو تمويل حملته الانتخابية”، مشيرًا إلى أن “التكلفة في دورات سابقة كانت تتراوح بين 750 مليونًا إلى مليار ونصف دينار فقط”.

وتأتي هذه الاتهامات في ظل تحركات واسعة للجهات الأمنية والرقابية لمكافحة ظاهرة التلاعب بأصوات الناخبين، حيث أعلن جهاز الأمن الوطني، في بيان تلقته “العالم الجديد”، أن “مفارزه نفذت عمليات أمنية متفرقة في محافظات (بغداد، الأنبار، نينوى، وغرب نينوى)، أسفرت عن إلقاء القبض على (46) متهمًا متورطين بعمليات بيع وشراء بطاقات انتخابية”.

وأشار إلى أنه “تم ضبط (1841) بطاقة ناخب بحوزة المتهمين”، مبينًا أنه “تمت إحالة جميع المتهمين مع المضبوطات إلى الجهات القضائية المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم”.

من جانبهم، وجه عدد من أعضاء مجلس النواب طلبا رسميا إلى هيئة النزاهة الاتحادية لاتخاذ إجراءات رادعة إزاء ما وصفوه بظاهرة شراء البطاقات الانتخابية من قبل بعض المرشحين.

وبحسب وثيقة متداولة فإن “الطلب النيابي أشار إلى أن هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صريحًا للنزاهة الانتخابية، وتستوجب تحركًا عاجلًا من الجهات الرقابية، لمنع التأثير على إرادة الناخبين وضمان شفافية العملية الانتخابية”.

وعن ظاهرة بيع وشراء بطاقات الناخبين، قال المستشار القانوني في مفوضية الانتخابات العراقية حسن سلمان، إن “الظاهرة ليست جديدة، وتتزايد كلما اقترب موعد الانتخابات، وإن المفوضية تتخذ عقوباتها وإجراءاتها بحق كل من يثبت تورطه، ابتداءً من الغرامات وصولًا إلى الاستبعاد من الانتخابات”، موضحًا أن “المفوضية لديها فرق رصد وتتعاون مع أجهزة ودوائر حكومية أخرى من أجل تعقب المتورطين، وأن الوقوف بوجه هذه الممارسات يعيد الثقة بالعملية الانتخابية، والتغاضي عنها سيدفع بمزيدٍ من المقاطعين والناقمين على العملية السياسية”.

ويشار إلى أن بعض القوى والشخصيات السياسية أبدت مواقفها بالمقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات النيابية، مستندة إلى جملة أسباب من بينها التشكيك باستقلالها أو عدم قدرتها على منافسة الأحزاب النافذة في البلاد، من بينها التيار الوطني الشيعي بقيادة السيد مقتدى الصدر، وائتلاف النصر بقيادة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وحزب الحركة الإسلامية الكردستانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى