مقالات وتقارير

خصخصة الكهرباء تشعل الشارع: بعقوبة تغلي وكركوك تحتج وواسط تتمرد


عاد مشروع خصخصة قطاع الكهرباء إلى واجهة الجدل مجددًا في محافظتي كركوك وديالى، بعد إعلان وزارة الكهرباء نيتها توسيع تطبيقه في عدد من المناطق ضمن خطتها لتحسين الجباية وتقليل الهدر في الطاقة.

وبينما تؤكد الحكومة أن الخصخصة ستسهم في تحسين مستوى الخدمة وضمان العدالة في التوزيع، يرى مواطنون ونواب أن التجارب السابقة أثبتت عكس ذلك، مشيرين إلى أن الشركات المتعاقدة رفعت أجور الاشتراك وأثقلت كاهل الأهالي بفواتير مرتفعة دون تحسّن فعلي في التجهيز.
وقال رئيس مجلس محافظة ديالى عمر الكروي في حديث تابعته “وطن نيوز”، إن “مجلس ديالى كان واضحا منذ البداية في رفض خصخصة الكهرباء داخل بعقوبة وبقية مدن المحافظة، لإدراكه أن الخطوة ستؤدي إلى إرهاق المواطنين بفواتير مرتفعة جدا”، مبينا أن “المجلس دعا وزارة الكهرباء مرارا إلى إعادة النظر بآليات التطبيق بما يخفف العبء عن ذوي الدخل المحدود والفقراء”.

وأضاف: “رغم قرار المجلس الرافض للخصخصة، إلا أن وزارة الكهرباء، وبتوجيه من مجلس الوزراء، مضت في تنفيذ المشروع داخل بعقوبة، ما تسبب بارتفاع كبير في الفواتير، ودفع الأهالي إلى التظاهر اليوم أمام دائرة الكهرباء، ونتوقع تكرار هذه الاحتجاجات”.
وأشار الكروي إلى أن “مجلس ديالى طالب بأن يكون شريكا فاعلا في أي مشروع يتعلق بالخصخصة، وأن تُؤخذ ملاحظاته بنظر الاعتبار لضمان العدالة والإنصاف”، مؤكدا أن “موقف المجلس ثابت برفض الخصخصة، وإن طُبقت، فيجب أن تُدار بآليات مرنة ومنسجمة مع الواقع الاقتصادي، خاصة وأن نسب الفقر مرتفعة في بعقوبة وغالبية العوائل من ذوي الدخل المحدود، ما يجعل الفواتير المرتفعة سببا حتميا لغضب شعبي قادم”.
وتصاعدت حدة الرفض الشعبي في محافظة ديالى منذ بدء تنفيذ المشروع التجريبي في بعقوبة، حيث تكررت الشكاوى من فواتير “مبالغ بها” لا تتناسب مع معدلات الاستهلاك الفعلية، ما دفع مجلس المحافظة إلى إعلان موقفه الرافض للخصخصة، محذرا من تداعيات اجتماعية وغضب شعبي قد يتسع في حال استمرار تطبيقها دون مراعاة الواقع المعيشي للأهالي.
وشهد ملف خصخصة الكهرباء في العراق خلال السنوات الأخيرة جدلا واسعا بين الحكومة والمواطنين، إذ ترى وزارة الكهرباء أن المشروع يهدف إلى تنظيم الجباية وتقليل الهدر في الطاقة وتحسين الخدمة، فيما يعتبره المواطنون عبئا اقتصاديا جديدا يفاقم معاناتهم مع ضعف الدخل وارتفاع الأسعار.
وفي السياق نفسه، شهدت منطقة تسعين في محافظة كركوك، تظاهرات شعبية غاضبة، حيث قام المحتجون بقطع طريق المطار تعبيرا عن رفضهم لمشروع خصخصة الكهرباء، وقد أظهرت مقاطع مصوّرة توافد العشرات من المواطنين إلى الشوارع الرئيسية في المنطقة، معبّرين عن رفضهم لهذه الخطوة.
وأغلق المتظاهرون الطريق الحيوي بإطارات مشتعلة، مما أدى إلى شلل جزئي في حركة السير. وتأتي هذه التظاهرات في سياق معارضة واسعة لمشروع الخصخصة، في خطوة تعكس عدم رضا المجتمع المحلي عن السياسات الحكومية في هذا الصدد.

وقال الدلفي إن ملف الخصخصة أصبح “الشغل الشاغل” في واسط خلال الفترة الأخيرة، سواء على مستوى الشارع أو المؤسسات الرسمية، موضحا أن الرفض “قاطع وشامل، ويجمع الأوساط الشعبية والرسمية على حد سواء، في وقت حسم فيه مجلس المحافظة موقفه بشكل نهائي برفض المشروع”.
وبيّن أن “قرار المجلس لا يقوم على الاعتبارات السياسية فحسب، بل يستند إلى المادة (115) من الدستور الاتحادي، التي تمنح الأولوية للحكومات المحلية في حال تعارض الصلاحيات المشتركة مع الحكومة الاتحادية”، مضيفا أن “بالتالي، فإن لقرار الرفض سندا دستوريا صريحا، ولا يمكن تجاوزه أو الطعن فيه بسهولة”.
وانتقد الدلفي الحكومة الاتحادية لعدم قدرتها حتى الآن على توفير كهرباء مستقرة على مدار الساعة للمواطنين، معتبرا أنه “لا يمكن فرض خصخصة الكهرباء والجباية الإلكترونية على الأهالي في ظل غياب أبسط مقومات الخدمة”، مؤكدا أن “عندما نتمكن من تأمين جميع وسائل الراحة والالتزام بتجهيز الكهرباء بشكل كامل، يمكن عندها الحديث عن الخصخصة، أما في الوضع الحالي فهي مرفوضة تماما”.
وأشار عضو مجلس واسط إلى أن “السلطات المحلية في المحافظة، بشقيها التشريعي والتنفيذي، تواصل اتصالاتها ومخاطباتها الرسمية مع الحكومة الاتحادية لعرض موقفها وشرح مبرراته”، نافيا أن “يصل الخلاف إلى مستوى العقوبات أو الإجراءات العقابية”، ومؤكدا أن “المحافظة تمتلك أوراق قوة، أبرزها وجود محطة الزبيدية الحرارية داخل حدودها، وهو ما يمنحها مساحة أوسع للتفاوض والضغط باتجاه إيجاد حلول واقعية ومنطقية للملف خلال الفترة المقبلة”.
ويُعد مشروع “خصخصة الكهرباء” من المشاريع التي بدأت بها حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي (2014-2018)، وطُبّق على أحياء سكنية في العاصمة بغداد. ورغم أن المشروع سجّل نجاحا نسبيا في تلك المناطق مقارنة بما تقدمه “المولدات الأهلية” للمواطن، إلا أنه واجه انتقادات سياسية وشعبية واسعة بذرائع مختلفة، حتى توقفت توسعته في بقية مناطق بغداد والمحافظات الأخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى