قفز المدنيين على الديمقراطية في تعديل قانون الاحوال الشخصية

محمد العامري
ماجستير في القانون المدني
تعالت صيحات النشاز ممن يسمون انفسهم بالمدنيين وهم لا يفهمون من الدولة المدنية اي شيء سوى الاسم فضلا عن انهم فهموا الاسم -الذي هو الشيء الوحيد الذي حفظوه- وفهموه بالمقلوب فالمدنية ليست التحلل والغاء الاخر والتعالي وفرض الارادات بالعويل والاحتماء بالسفارات والمنظمات الدولية والمدنية وليست الخضوع لمشاريع اجنبية تخالف وتعارض تقاليد ومعتقدات ابناء البلد، فالمدنية بمفهومها المجمل الجامع لا تعني التحلل من الثوابت والقيود.
انما المدنية الحقيقية هي التي شرعها وأسس لها الاسلام قبال الجهل والتعصب والتهميش والتغييب للارادات وهذا الملخص عن مفهوم المدنية في الإسلام هو المشروع الذي اعلنه الاسلام وطبقه عمليا ونقل مضامينه من منطقة المكتوب الدستوري الذي جاء به القرآن الى التطبيق العملي في واقع المجتمع الاسلامي.
بعد هذه المقدمة التي ميزت مفهوم المدنية المطروح وبين مفهوم المدنية الاسلامي طُرح في اروقة البرلمان العراقي من جديد (تعديل قانون الاحوال الشخصية) بعد مارثون سابق استطاعت ان تتغلب فيه قوى الممانعة والمحسوبية والجهل من الشيعة انفسهم عن حبس هذا التشريع من المضي لتكون العاقبة جر البلاد لبلاء داعش وويلاته، وعندما تفاقمت مشاكل وتداعيات قانون الاحوال الشخصية المقر قبل 75 سنة والمقدس عند البعض لانه يرسخ لمفاهيم ومعتقدات مذهبهم ويتجاهل مفاهيم ومعتقدات 85٪ من الشعب العراقي في الوقت الذي يتغنون بشعارات المدنية والديمقراطية الفارغة.
وعودا على بدء فإن مفهوم المدنية الاسلامية التي تقبل الاخر ولا تهمشه فضلا عن محاولة الغاءه فدعت الى تشريع قانون الاحوال الشخصية الذي هو احتكام كل شخص في اموره الشخصية وفق مايعتقد بعيدا عن الغاء القانون السابق وانما يعترف به لمن يعتقد به ويريده ويضيف اليه مايعتقده اغلبية الشعب العراق وهذه حالة صحية راعت الاخر من قبل المدافعين عن التعديل قبال دعوات الاستمرار بالتغييب والإلغاء من المعارضين للتعديل.
وختاما فتعديل قانون الاحوال الشخصية هو مشروع توازن اجتماعي ومعالجة لواقع يجب ان ينسجم مع معتقدات الاشخاص الراغبين بالاحتكام اليه، كما انه يتوافق مع حالة التطور في الفكر القانوني على المستوى العالم فأغلب النظم القانونية في العالم ذهبت بإتجاه تضمين قوانين الاحوال الشخصية موادا تتناغم مع معتقدات من يحتكمون اليه.