توطين الفلسطينيين في الأنبار يعود للواجهة وتحذيرات من استغلال الملف سياسياً

عاد التداول في الأوساط العراقية من جديد مقترح توطين الفلسطينيين في صحراء الأنبار، غربي العراق، بالتزامن مع تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رغبته في أن تستقبل مصر والأردن مزيداً من فلسطينيي غزة، الأمر الذي رفضته الدولتان.
وحذر مراقبون من استغلال هذا الملف سياسيا من قبل بعض الأطراف في محافظة الأنبار خاصة من الحلبوسي الذي يريد العودة إلى الواجهة من جديد بعد اقالته بقرار قضائي.
وكان ترامب قد أعلن، في 25 كانون الثاني/ يناير الجاري، بمحادثة مع صحفيين من مجموعته الإعلامية أنه يعتقد أن من الممكن إعادة توطين سكان قطاع غزة الذين فقدوا منازلهم جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية الحالية في الدول العربية.
وبرر ترامب مجدداً رغبته في تفريغ قطاع غزة من سكانه بالقول، إنه “يرغب في رؤيتهم يعيشون في منطقة بلا اضطرابات أو ثورات”، لافتاً إلى أن قطاع غزة كان جحيماً لسنوات عديدة.
ومخطط إعادة توطين سكان قطاع غزة ليس بجديد، فقد أعلن عنه ترامب بعد فوزه بانتخابات 2016 حيث تعهد بتحقيق السلام في الشرق الأوسط قائلاً: “هذه هي صفقة القرن، وأنا بوصفي صانع صفقات، أود أن أعقد هذه الصفقة التي صعبت على الجميع من أجل البشرية جمعاء”.
كما طرح هذا المخطط عقب عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بعد تسريب وسائل إعلام عبرية وثيقة صادرة عن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، تقترح تهجير 2.4 مليون فلسطيني من غزة إلى شبه جزيرة سيناء في مصر ومناطق أخرى.
ويرى النائب السابق عن محافظة الأنبار، نواف الغريري، أن “العراق لن يسمح بتجزئة فلسطين والسماح للشعب الفلسطيني بترك أرضه واللجوء إلى الدول العربية، وبالتالي تذهب أرض الآباء والأجداد”.
واضاف الغريري، أن “العراق مع بقاء فلسطين أرضاً وشعباً لتبقى الدولة الفلسطينية، أما الحديث عن إنشاء أرض بديلة لغزة أو لفلسطين وتهجيرهم إلى العراق، فهذا الكلام غير صحيح وليس فيه مصداقية، ولن نسمح به”.
وعن مدى إمكانية حدوث الترحيل، يقول الباحث في العلاقات الدولية والشأن الأمريكي، الدكتور كمال الزغول، إن “حدوث التقسيمات التي تحدث عنها ترامب، ليس بالأمر السهل، خاصة فيما يخص ترحيل أهل غزة إلى الأردن ومصر، فمعاهدات السلام بين الأردن وإسرائيل ومصر وإسرائيل لا تنص على ذلك، بل على العكس، فقد أشارت إلى بداية التفاوض حول الدولة الفلسطينية”.
ويوضح الزغول أن “ترامب حاول في فترته الرئاسية الأولى تطبيق (صفقة القرن) لكنه لم يستطع وفشلت، فالأردن لن يقبل أن يكون وطناً بديلاً للفلسطينيين، والفلسطينيون لا يقبلون بذلك، ولذلك الرفض بدا واضحاً من الأردن ومصر”.
ويرى، أن “رؤية السياسة الأمريكية سوف تنصب على سوريا، فهناك معركة محتملة بين قوات سوريا الديمقراطية من جهة وتركيا وإدارة العمليات العسكرية في دمشق من جهة أخرى إذا لم تندمج (قسد) مع الحكومة الجديدة، لذلك سيكون اهتمام ترامب بالملف السوري على حساب كل الملفات”.
ويشير إلى أن “الحكومة العراقية قد تنأى بنفسها عن الدخول في أي صراعات في فترة ترامب، ومن المرجح أن لا تشتد المناكفات بين الفصائل العراقية والولايات المتحدة كوسيلة دبلوماسية لتجنب الصِدام ولضمان انسحاب أمريكا من العراق وسوريا، وهذا لن يحدث دون إنهاء الملف السوري بتوافق إيراني أمريكي حول الملف النووي”.
ويردف “أما بالنسبة لما يعرف بتقسيمات (حراس الأقاليم) فهي وهمية وشكلية، لكن تحصين كل دولة وطنية لوحدها هو الهدف المنشود للإدارة الأمريكية الجديدة لضمان الأمن والاستقرار”.
ويرى الزغول في ختام حديثه، أن “تصريحات ترامب حول غرينلاند وقناة بنما ومشاكل الحدود ومناكفة الصين ستجعل ترامب يهتم بمشاكله الداخلية عن الشرق الأوسط”.
هذا ورفضت الأمم المتحدة تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة، حيث قال متحدثها ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحفي: “سنكون ضد أي خطة تؤدي إلى التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، أو تؤدي إلى أي نوع من التطهير العرقي”.