الملاريا وحمى الضنك تحاصران السودان

وسط الخراب الذي خلّفته الحرب في السودان، لم يعد الرصاص وحده يهدد حياة الناس. ثمة عدو أصغر حجماً، لكنه أشد إصراراً على حصد الأرواح.. إنه البعوض. في الأزقة المظلمة، في مخيمات النزوح، وحتى داخل البيوت الغارقة في الظلام، ينتقل البعوض حاملاً الملاريا وحمى الضنك، ليخط فصول كارثة صحية تختبئ خلف دخان المعارك.
وفي بلد أنهكته المجاعة والحصار وانهيار الخدمات، قد تكون لسعة بعوضة كفيلة بسحب الإنسان إلى حافة الموت.
في أحد مخيمات النزوح على أطراف “الضعين”، جلست أم تحت غطاء بلاستيكي مهترئ، تمرّر يدها على جبين طفلها الذي لم يتوقف عن الارتجاف منذ يومين. الحرارة تتصاعد، أنفاسه تتقطع، ووجهه يتصبب عرقاً. لا طبيب في الجوار، ولا دواء. فقط الصمت، والمطر، والبعوض الذي يحوم فوق الجسد المنهك بحثاً عن ضحية جديدة.
وبحسب وزير الصحة السوداني، د. هيثم محمد إبراهيم، تتراوح إصابات الملاريا بين مليونين إلى ثلاثة ملايين حالة سنوياً، ويسجل السودان نصف وفيات الملاريا في إقليم شرق المتوسط. إلا أن الواقع الميداني أسوأ بكثير؛ أكثر من 87% من الإصابات ناجمة عن المتصورة المنجلية، أخطر أنواع طفيليات الملاريا.
من جهتها تقول د. أديبة إبراهيم السيد، اختصاصية الباطنية والأوبئة وعضو اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” إن “الوضع الصحي دخل مرحلة الانهيار الكامل.. فقط خلال أسابيع قليلة سجلنا 1846 إصابة مؤكدة و321 وفاة بالملاريا، والعدد الحقيقي أكبر بكثير”.