الفصائل تتحدى ضغوط واشنطن بشأن سلاحها والسوداني يبدأ حرب الولاية الثانية مبكرا

مع اقتراب موعد الانتخابات، يجد رئيس الوزراء محمد السوداني نفسه في قلب صراع حساس بين ضغوط واشنطن الرامية إلى نزع سلاح الفصائل، وبين إصرار تلك الفصائل على الاحتفاظ بقوتها باعتبارها “خط الدفاع الأول”. وبينما يسعى السوداني للموازنة بين الطرفين، يراهن على أن هذا التوازن قد يعزز فرصه في ولاية ثانية، وسط مشهد إقليمي متقلب وانقسامات داخلية حادة.
وذكر تقرير “معهد صوفان” الأمريكي، أطلعت عليه “وطن نيوز”، إن “الجدل والنقاشات الجارية حول مصير الفصائل، ستحدد ما إذا كان بمقدور العراق الاندماج بشكل أكبر في العالم العربي والحد من النفوذ الإيراني”.
واعتبر المعهد الأمريكي في تقريره، أن “الاشتباك المسلح في مديرية الزراعة في منطقة الدورة ببغداد مؤخرا، أظهر وجود صراع متصاعد على السلطة بين المؤسسات الوطنية العراقية، بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مقابل هيكل مواز لجماعات الفصائل، التي غالبا ما يتصرف بعضها بشكل مستقل ويمكن أن يتحدى القيادة العراقية”.
وفي حين لفت التقرير الى ان “المسؤولين الامريكيين والدبلوماسيين يصفون هذه الميليشيات بأنها جماعات منحازة إلى إيران تعمل بناء على توجيهات الحرس الثوري الايراني”، إلا أنه أوضح أن “المراقبين المقربين من السياسة العراقية يشيرون إلى أن هذه القوى المسلحة تتمتع بقاعدة اجتماعية عميقة، ودعم كبير بين الأغلبية الشيعية التي تشعر بالقلق من أن هيكل السلطة الرسمي يتسم بالضعف والفساد، وليس قادرا على مواجهة المتطرفين الإسلاميين من السنة المتحالفين مع القوى المتطرفة التي سيطرت على مساحات من العراق في العام 2014 ووصلوا إلى الحكم في سوريا المجاورة”.
وبين التقرير الامريكي، أنه “برغم التهديد المحتمل الذي يمثله المتطرفون السنة، فإن حكومة السوداني التي يهيمن عليها الشيعة المعتدلون، تحاول بناء توافق وطني على نزع سلاح الفصائل المسلحة التي هي خارج سلطة الحكومة المباشرة”، مضيفا أنه “على غرار لبنان، فإن حكومة السوداني تحاول ضبط أعمالها من أجل تجنب رد فعل عنيف من قادة الميليشيات وانصارهم”.
وبحسب التقرير، فإن “نتيجة هذا الصراع على السلطة، قد تحدد التحالف الإقليمي للعراق، في وقت يحاول السوداني الاندماج بشكل أقوى في العالم العربي، وإبعاد العراق عن جهود إيران لتعزيز محور المقاومة على مستوى المنطقة”.
ورأى التقرير أن “الصراع على السلطة بين حكومة بغداد والميليشيات له تأثيراته مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في 11 تشرين الثاني نوفمبر”، موضحا أن “السوداني يأمل في نيل ولاية ثانية، في حين أن بعض القادة الشيعة الذين هم جزء من الإطار التنسيقي، والذي يضم السوداني أيضا، يعارضون القطيعة الكاملة مع الميليشيات، وينظرون إليهم باعتبار أنهم حماة ضد التيارات السنية”.
ولهذا، يرجح التقرير أن “تفرض هذه الاعتبارات السياسية على السوداني التوصل إلى حل وسط مع مؤيدي استقلالية الميليشيات، مما سيؤثر بشكل كبير على مسار العراق نحو تحقيق سيادة الدولة”.
ورأى أن “السوداني استخدم حادثة الاشتباك في الدورة ببغداد، بصفتها فرصة له من أجل بناء زخم لدفعه كبح جماح كتائب حزب الله وجماعات الميليشيات الاخرى، على اعتبار ان هذه الخطوات سيتردد صداها مع الناخبين الذين يأملون بقيام عراق اكثر سيادة واستقلالية، ومرتبط بتحالف مع الدول العربية الأخرى، بدلا من إيران المتسمة بالضعف”.
ولهذا، لفت التقرير إلى أنه “في حال جرت فعلا إقالة قادة اللوائين 45 و46 من الحشد الشعبي، فقد يتم تقييم السوداني على أنه يحقق زخما في جهوده لتطبيق سيادة الدولة”.
وبحسب التقرير، فإن “رئيس الوزراء العراقي سيقوم بموازنة جهوده لتقييد فصائل الحشد الشعبي بهدف تخفيف الضغط الأمريكي عليه، حيث لا تزال واشنطن المتبرع الرئيسي للعراق وتحتفظ بأكثر من 2000 جندي في البلد”.
وقال التقرير، إنه “منذ الغزو الامريكي العام 2003، فإن المسؤولين الأمريكيين يميلون الى صياغة سياستهم العراقية وكأنها جزء فرعية من سياستهم تجاه إيران”.
ونبه إلى أن “المسؤولين الامريكيين يمارسون ضغوطا على السوداني لنزع سلاح كتائب حزب الله والمتحالفين معها وتسريحها، وليس فقط تقييدها أو تهميشها، وذلك كجزء من محاولة لإعادة دمج العراق في العالم العربي وتوجيه بغداد بعيدا عن إيران ومحور المقاومة”.
وأشار التقرير الامريكي، إلى أن “خطوات وضغوطات واشنطن للتضييق على الموارد المالية للحشد الشعبي، أو الفصائل المرتبطة بإيران، وفرض قيود على المعاملات البنكية، بما في ذلك المشتبه بارتباطها بالحوثيين في اليمن”، مضيفا أن “بعض المصادر تدعي أن موقف واشنطن كان له تأثير ملموس في الحد من التنسيق بين فصائل الحشد المتشددة والجماعات الأخرى المتحالفة مع إيران في المنطقة”.
وواصل التقرير الأمريكي، قوله: إن “القادة الإيرانيين يحاولون مواجهة ضغط واشنطن على بغداد للاحتفاظ بقدر من النفوذ في العراق، وأن قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني زار العراق 3 مرات على الأقل خلال العام 2025، وأعرب عن رفض طهران لنزع سلاح الحشد الشعبي”.
وتابع التقرير، أن “إضعاف الموقف الاستراتيجي الإقليمي لإيران على مدى العام الماضي، بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية التي يمارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إيران، يجعل طهران أقل نفوذا بكثير على بغداد مما كان عليه الوضع في السنوات السابقة”.